كتب أحمد المسلماني في المصري اليوم بتاريخ 09-03-2009
قال لى الأمير الحسن بن طلال: لقد أصبحت الأعباء أكبر مما نحتمل، وصارت التحديات أكبر مما نستطيع.. ولاأزال أرى صعوبة أن تتقدم أى دولة عربية على حدة، وما لم نواجه المستقبل معاً سنُهزم جميعاً.
■ كنت فى صحبة العالم الكبير الدكتور أحمد زويل فى زيارة إلى المملكة الأردنية وفرنسا، وقد التقيت الأمير الحسن فى منزل السفير المصرى عمرو أبوالعطا، الذى أقام حفل عشاء على شرف العالم الكبير، واستمعت على مدار الرحلة إلى آراء فى العلم والسياسة.. عن الأردن وعما حولها.. وكان ممن استمعت إليهم الأميرة سمية بنت الحسن وعدد من المثقفين والوزراء.
وفى باريس عرّفنى د. أحمد زويل على السيد «كوشيرو ماتسورا»، مدير عام منظمة اليونسكو، وعلى بارزين آخرين.
كان سؤال النهضة حاضراً فى باريس: لماذا بقى العرب هناك وأصبح العالم كله هنا؟ وما هذه السماوات التى تفصل بيننا وبينهم؟
جاء تقدير د. زويل أن هذه السماوات ـ على اتساعها ـ كانت تفصل الغرب الأوروبى عن الشرق الآسيوى، وكان الأمريكيون يسخرون من اليابانيين، ولا يلقون بالاً بكل القارة الآسيوية.. لكن هذه السماوات خمدت كثيراً وتكسّر الفارق بين الشرق والغرب، وصعدت اليابان ووراءها الصين وكوريا وتايوان وماليزيا، وكثير من هذه الدول كان فى وضع أكثر سوءاً من العالم العربى.. لكنها الإرادة الوطنية.
وفى عمان، حكى لنا د. زويل عن رحلة قام بها ملك ماليزيا من أجل إقناع عالم ماليزى بالعودة إلى بلاده، وعن رحلة وزير التعليم العالى فى كوريا إلى أمريكا لإقناع العلماء الكوريين بالعودة إلى بلادهم، وعن الحكومة التايوانية التى جعلت اهتمامها الأكبر ذات يوم هو إقناع العالم التايوانى «يوان لى»، الحائز على جائزة نوبل فى الكيمياء عام ١٩٨٦، بالعودة إلى وطنه.
وقد سأل رئيس الوزراء الأردنى الأسبق أحمد اللوزى، الذى تولى رئاسة الحكومة عام ١٩٦٤ عن أسباب نجاح «مفاوضات العودة» هذه، وشرح لنا د. زويل كيفية تهيئة البلدان الآسيوية لاستقبال علمائها، وعن تلك الضمانات العلمية والمالية وتلك الرعاية الرسمية العليا لمشروعاتهم.. وهو ما جعل العالم التايوانى «يوان لى» يقيم مركزاً عالمياً، نجح فى استقطاب خمسين عالماً تايوانياً من الغرب إلى بلادهم.. إن إدراك العلماء الآسيويين لما ينتظرهم من معالم مشروع وطنى حقيقى وجاد كان الدافع الرئيسى لعودة المهاجرين العلميين من الغرب إلى الشرق..
وقد سألت د. زويل بعد محاضرة ألقاها فى باريس عن العرب الذين يعملون معه.. قال لى: كان معى ولايزال معى باحثون مصريون وعرب.. ومن بين الذين يعملون معى الآن باحث بارع من جامعة أسيوط هو «عمر محمد».. لكنهم حاسمون تماماً.. إنهم لن يعودوا، لأنهم لن يجدوا ما يجده الآسيويون حين يعودون.