محضر إجتماع لجنة البيئة
27/3/2007
عقدت لجنة البيئة إجتماعها في تمام الساعة الحادية عشر من صباح يوم الثلاثاء 27/3/2007 بمقر الجمعية بالجيزة برئاسة الدكتور / علي القريعي – رئيس اللجنة وبحضور العالم الجيولوجي الدكتور/رشدي سعيد وذلك لمناقشة موضوع " تنميــــة و تعمـير الصحـــاري المصريـــة " وإلقاء الضوء على دور رجال الأعمال والمستثمرين في ذلك ...
وقد بدأ الإجتماع بكلمة ترحيب من الدكتور مهندس / عادل جزارين – رئيس الجمعية والذي أعرب عن سعادته البالغة وترحيبه الشديد بالدكتور / رشدي سعيد ، ثم بدأ الدكتور / على القريعي – رئيس اللجنة كلمته ، مرحباً بالسادة الحضور ثم أعطى سيادته نبذه عن التاريخ الوظيفي العظيم للعالم الجيولوجي الدكتور/ رشدي سعيد موضحاً أنه يمتلك خبرة كبيرة في مجال الصحراء، والمياه، والزراعة، والسياسة ، والجيولوجيا، وكذلك الرياضة ،ثم ألقى الضوء على أهمية عقد هذا الإجتماع لمناقشة هذا الموضوع الحيوي الهام ، للتعرف على الجدوى الإقتصادية الهامة لتعمير الصحارى المصرية .
ثم بدأ الدكتور / رشدي سعيد كلمته مرحباً بالسادة الحضور وموضحاً أن عدد سكان مصر يبلغ حالياً نحو 75 مليون نسمة بسبب معدلات الزيادة السكانية سيتراوح عدد سكان مصر ما بين 140 مليون – 150 مليون نسمة خلال السنوات الخمسين القادمة مما أوجب توافر موارد كبيرة لاستيعاب هذا العدد الكبير من السكان،كما يجب إعادة توزيع السكان بطريقة متوازنة لما لمصر من خيرات كثيرة غير مستغلة ، لذا وجب تخفيف كثافة السكان في وادي النيل إلى مناطق أخرى بنقل بعض السكان.
ثم أشار سيادته أنه كانت هناك مجموعة من المشروعات الكبيرة التي تمت بالفعل لمد أفرع من النيل للصحاري على أمل إستصلاح الصحراء ، نذكر منها:
أولاً : مشروع مد 3 أفرع من نهر النيل إلى الصحراء وهي ترعة السلام في شمال سيناء ،والذي بدأ العمل فيها في السبعينات، وترعة الحمام على طول الساحل الشمالي ، وترعة توشكي والتي تكلفت محطة الرفع الخاصة بها حوالي 6 مليارات جنيه ، ولكن للأسف الشديد فأن المشروعات الثلاثة لم يحالفها النجاح،والسبب في ذلك يرجع إلي أن هذه المشروعات تعد امتدادات طويلة في أراضٍ منخفضة، فضلاً عن ارتفاع هذه الأراضي، مما يؤدي إلي ضرورة رفع مياه النيل إليها،
ثانياً : إمتداد الزراعة في الصحراء من خلال استخدام المياه الجوفية، وهناك مشروعان في هذا المجال، المشروع الأول هو الوادي الجديد وقد بدأ كمشروع سياسي ثم تحول إلى مشروع علمي وقد بدأ عام 1959، وهو يضم: الواحات البحرية والداخلة والخارجة والفرافرة، وقد أثبتت الدراسات أن كميات المياه الجوفية في هذه المناطق محدودة للغاية بالإضافة إلى كونها غير متجددة وقد تم زراعة 10 آلاف فدان في البداية،ثم أضيف إليها 30 ألف فدان بعد ذلك، وتطلب الأمر عمل "كمبيوتر موديل"، لتحديد استخدامات هذه المياه خلال المائة عام القادمة، لما يعادل 2 مليار متر مكعب سنوياً ، و تزرع بعض هذه الواحات الأرز الذي يحتاج إلي مياه غزيرة، في بيئة فقيرة للغاية في المياه، وعلى الجانب الآخر فمنذ عهد حكومة الدكتور كمال الجنزوري تولت عدة وزارات منها الزراعة، والسياحة، و البترول، إدارة هذه الواحات، وقامت هذه الوزارات بتوزيع الأراضي على المستثمرين الذين أساءوا استخدامها، حتى في منخفض سيوة والذي يوجد فيه تقليد قديم للزارعة، إلا أن زيادة الصرف أدت إلي تمليح الكثير من الأراضي، وكانت كمية المياه الجديدة المضافة للبركة أكبر من كمية المياه المفقودة نتيجة عمليات البخر.
المشروع الثاني فتمثل في زراعات بالمياه الجوفية على طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي، والمشكلة أنه لا يوجد في مصر قانون ينظم استخدام المياه الجوفية والتي للأسف الشديد تعاني من المغالاة في استخدامها في زراعات " النجيلة" وكذا عمل حمامات السباحة، وقد قام العديد من المستثمرين في هذه المناطق بالضغط علي الحكومة، لتوصيل مياه النيل إليها من خلال ترع فرعية، علي الرغم من تجدد المياه الجوفية في هذه المنطقة لكونها تأتي من رشح نهر النيل، ولم يجذب أي من المشروعات المشار إليها أعداد كبيرة من السكان حيث أن المحافظات الصحراوية في الوادي الجديد والبحر الأحمر وسيناء، لا زالت تعاني من فقر سكاني كنتيجة لتدني مستوى الإسكان والخدمات فيها للمصريين والاهتمام بالسياحة الأجنبية فقط.
ثالثاً : تعمير السواحل وكان في مقدمتها الساحل الشمالي، وقد كانت البداية بغرب الاسكندرية، وبنيت للشريحة العليا من الشعب، وهي مباني لا تستخدم إلا لعدد قليل من الأسابيع في العام، رغم تمتعها بكل الخدمات وفي مقدمتها مياه الشرب.
رابعاً : أما المشروع الأخير فعبرت عنه المدن الجديدة في الصحاري المصرية، ولم تشجع هي الأخرى السكان للذهاب إليها حيث أنها في الأساس قامت علي اعتبار أنها مدن صناعية، والجزء السكني فيها كان بعيداً عن التوطن الصناعي بالإضافة إلى كون أسعار الوحدات السكنية بها مرتفعة للغاية في ظل ضعف مرتبات العمالة المصرية هناك والتي تتراوح ما بين 400 – 500 جنيه شهرياً، لذا فأصبح من الضروري مد خطوط المترو إلي هذه المدن لجذب المزيد من السكان إليها، بدلاً من مد خطوط جديدة للمترو في أحياء القاهرة، لأن التكلفة ستكون باهظة، وستزيد من تركز وكثافة السكان في القاهرة، فعلى سبيل المثال كانت منطقة المرج من أجمل ضواحي القاهرة حتى وصول المترو إليها والذي أدى بدوره إلى ظهور المناطق السكنية العشوائية.
ثم أشار سيادته إلى بعض الحلول المقترحة لحل أزمة زيادة السكان وتركزهم في رقعة بسيطة جداً من مساحة مصر حيث أوضح سيادته أن هناك طريقتين لحل هذه الأزمة الأولى حددها الدكتور /فاروق الباز في "ممر التعمير"، والذي نقلها غالباً عن التجربة الأمريكية من خلال بناء الطرق ومد خطوط السكك الحديدية موازية لنهر النيل في الصحراء الغربية، على أساس أن الغرب الأمريكي غني بالموارد الطبيعية، ويحظى هذا المشروع بتأييد أمريكي، في حين أن الأمر يختلف كليه بالنسبة لمصر حيث أن الصحراء الغربية خالية من الموارد والثروات، لذا فمن الممكن تطوير هذا المشروع في حالة تنفيذه، من خلال خلق مصادر للرزق في الصحراء، عبر تشجيع المستثمرين ورجال الأعمال علي تأسيس تجمعات صناعية في الصحراء الغربية، حيث توجد في مصر ثروات غير مستغلة حتى الآن منها ميناء مرسي مطروح الذي شيد خوفا من ضرب ميناء الاسكندرية خلال فترات الحروب، وطريق مرسي مطروح العلمين الفرافرة الذي لم يستغل حتى الآن ، وهنا أكد سيادته أنه لا يجوز الزراعة في الصحراء المصرية لكون أراضيها قليلة الجودة والخصوبة، ولا تصلح الصحراء إلا لأن تكون إمتداداً حضارياً وعمرانياً من خلال توطين الصناعة فيها على أن تتبنى الحكومة مشروعاً قومياً لنقل ما بين 40 مليون – 50 مليون مصري خلال السنوات القادمة للمناطق الصحراوية، في هذا الإطار اقترح سيادته تطوير مشروع توشكي غير الناجح زراعياً ليصبح مشروعاً صناعياً عملاقاً خاصة وأن الزراعة في الصحراء تتم عبر ترع نهر النيل، وبالتالي ستفقد مصر الكثير من مواردها المائية، مع العلم بأن مصر لا تستطيع زيادة حصتها من مياه النيل مستقبلاً مما يعد خطراً حقيقياً.
وهنا أكد سيادته أن المنظومة التي أشار إليها ألا وهي تعمير الصحاري إعتماداً على الصناعة لا يمكن أن تنجح إلا في إطار استغلال الطاقة، وتحديداً الغاز الطبيعي،حيث يجب الإعتماد عليه في تأسيس المدن الصناعية والعمرانية في الصحراء بدلاً من تصديره إلى الخارج وهنا أعطى سيادته مثالاً دولة إيطاليا التي اكتشفت الغاز الطبيعي في بحر الإدرياتيك في نفس التوقيت وبنفس الكميات التي إكتشفت في مصر، إلا أن إيطاليا استخدمت الغاز للنهوض بالجنوب الإيطالي المتخلف آنذاك، ليصبح من المناطق الصناعية والمتقدمة الهامة جداً، في حين أن مصر تصدر هذا الغاز، دون أن تستفيد به في تنمية الصحراء، ومد الحضارة والعمران الصناعي والسكاني إليها، لتصبح مصر دولة منتجة ومستوعبة لطاقاتها البشرية الكبيرة .
ثم فتح باب المناقشة والتي أسفرت عن النقاط التالية :-
1-ضرورة ترشيد إستخدام المياه الجوفية مع إستخدام الغاز الطبيعي بطريقة سليمة للوصول إلى التنمية المطلوبة في تعمير الصحراء المصرية .
2- ضرورة الإهتمام ببناء الوحدات السكنية المناسبة مادياً لجميع العاملين بالمناطق الجديدة والصحاري لاستقطاب عدد كبير من السكان إلى هذه المناطق .
3- ضرورة الإهتمام بتطوير التعليم في مصر لتنمية المواطن المصري بشكل يمكنه من مواكبة المنافسة العالمية .
4- العمل على إنشاء خطوط سكك حديدية داخل الصحراء لإجتذاب عدد كبير من السكان في تلك الرقعة الواعدة .
وفي نهاية الإجتماع شكر الدكتور / علي القريعي – رئيس اللجنة السيد الدكتور / رشدي سعيد على المعلومات القيمة التي أشار إليها متمنياً المزيد من التعاون بين الجمعية وسيادته في عقد لقاءات مستقبلية مشتركة .