فاروق الباز: "ممر التنمية" خطوة لعدة مشروعات سياحية بصحراء مصر
Tue Apr 24, 2007 9:40 AM GMT
القاهرة (رويترز) - حلا لمشكلات مصر الاقتصادية يراهن الدكتور فاروق الباز على ممر "مقترح" للتعمير مواز لنهر النيل ويمتد من البحر المتوسط حتى الحدود الجنوبية للبلاد بالصحراء الغربية التي يشير الى امكانية ترويضها واستثمار مساحتها البالغة ثلثي مساحة مصر.
وقال الباز مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة في كتابه "ممر التنمية والتعمير.. وسيلة لتأمين مستقبل الاجيال الجديدة في مصر" ان المشروع الذي يقترحه سيؤدي لانشاء عدد كبير من المشروعات السياحية والتنموية في الصحراء.
والكتاب الذي يقع في 188 صفحة كبيرة القطع مزود بعشرات الرسوم البيانية والخرائط التوضيحية والصور المأخوذة بالاقمار الصناعية وأجهزة الرادار التي يقول انها تبث موجاتها تجاه سطح الارض وتخترق السحب ولا تتأثر بالغلاف الجوي اذ تسجل الصدى الذي يعود اليها بدون الاعتماد على ضوء الشمس.
وسيصدر الكتاب يوم الاربعاء في القاهرة عن (دار العين للنشر).
وتنظم مديرة دار النشر الدكتورة فاطمة البودي غدا حفل توقيع للمؤلف بحضور عدد من المثقفين المصريين.
وقال الباز (69 عاما) انه بدأ في دراسة صحاري مصر منذ ثلاثين عاما مرجحا أنها مؤهلة لضمان "حياة كريمة لعدد كبير من السكان" المرتبطين تاريخيا بقراهم ومدنهم حيث يميلون لاسباب نفسية وتاريخية الى العودة الى بلادهم حتى مهما تتباعد أماكن عملهم.
وأضاف أن الحل الامثل لخلخلة الكتل السكانية حول وادي النيل يتمثل في فتح افاق جديدة لجذبهم الى أماكن ليست بعيدة عن قراهم ومدنهم فلا يكفي في رأيه اقامة مدن أو مراكز صناعية لن تكون بديلا عن تخطيط شامل تستغل فيه الصحراء.
وقال ان معرفته بمواصفات الصحراء الغربية بمصر جعلته يتحمس لاقتراح ممر التنمية والتعمير منذ عشرين عاما ويعيد طرحه الان مشيرا الى أن هذا المشروع هو برنامج للتوسع العمراني والزراعي والتجاري والسياحي حول مسافة تزيد على 2000 كيلومتر حيث يشمل الممر 12 محورا عرضيا تتراوح بين 20 و30 كيلومترا تبدأ من مراكز التكدس السكاني نحو الغرب وصولا الى الطريق المقترح الذي يصل طوله الى نحو 1200 كيلومتر ويمتد من ساحل البحر المتوسط بالقرب من منطقة العلمين غربي البلاد حتى الحدود الجنوبية.
وأشار الى أن الموقع الشمالي للممر على البحر المتوسط سيكون مؤهلا لانشاء "ميناء عالمي جديد يضاهي الموانئ العالمية في المستقبل" كما يشمل الممر شريط سكك حديدية بموازاة الطريق لن يسبب انشاؤها أي تعد على الارض الزراعية وسوف تسهل انتقال الصناعات الثقلية كالحديد والصلب بتكلفة أقل.
وقال ان مياه الشرب اللازمة للاستخدام البشري للمشروع سيكون مصدرها بحيرة ناصر أو قناة توشكى عبر أنبوب لمنع البخر أو تسرب الماء في الصخور ويتراوح قطر الانبوب بين 100 سنتيمتر و150 سنتيمترا.
وظلت مصر منذ تأسيس الدولة نحو عام 5100 قبل الميلاد تحتفظ بحدودها الحالية وتعتمد على نهر النيل في الشرب والزراعة وهو ما جعل للنهر نوعا من القداسة التي لخصها المؤرخ هيرودوت بقوله "مصر هبة النيل" وتركز السكان حول الوادي وأهملوا الصحراء.
وقال الباز ان النيل كان يربط شمال مصر بجنوبها كما كان يسهل نقل الاخبار والبضائع وجامعي الضرائب وكل ما يضمن تماسك الدولة مشددا على أن الامر يستدعي حاليا انشاء شبكة طرق بعيدا عن وادي النيل "لان في ذلك اعتداء على الارض الزراعية المعتدى عليها أصلا نتيجة النمو الكبير للكتل السكانية العشوائية... لا يعقل أن نستمر في العيش على مساحة 5 بالمئة من مساحة أرضنا مع الاستمرار في البناء فوق التربة الزراعية."
وأضاف أن المشروع المقترح يسهل النقل بين أطراف الدولة وسيؤدي لانشاء مشاريع جديدة للتنمية مشيرا الى وجود محفزات منها مساحات كبيرة من أراض يسهل استصلاحها "اضافة الى احتمالات تواجد المياه الجوفية."
وأوضح أن صور الرادار لديها "قابلية فريدة" لاختراق الصحراء الجافة وكشف تضاريس أعماق الارض وأن هذه الصور توضح "مسارات الاودية القديمة التي كانت تمثل أنهارا تسري فيها المياه بغزارة في الاحقاب الجيولوجية السابقة عندما كانت تهطل الامطار بكثرة فيها ثم اختفت تحت الرمال بعد أن حل الجفاف في منطقتنا منذ حوالي 5000 سنة. أهمية مسارات الانهار القديمة تتمثل في أنها تدلنا على مواقع تركيز المياه الجوفية تحت سطح الصحراء."
وأضاف أن من أسباب تماسك الدولة المصرية التي لم تتغير حدودها لالوف السنين حسن استخدام نهر النيل في الانتقال من الجنوب الى الشمال مع حركة تيار المياه ومن الشمال الى الجنوب باستخدام الرياح.
وقال الباز إن مسار ممر التنمية والتعمير المقترح يقع في مسطح مستو من الصحراء الغربية بموازاة وادي النيل وإن المشروع سيكون مناسبا "لعشرات من المشاريع السياحية على أعلى المستويات العالمية" مشيرا إلى إمكانية التخطيط لإنشاء متاحف حربية بعد تطهير الساحل الشمالي الغربي من الألغام التي خلفتها الحرب العالمية الثانية والتي يقدر عددها "بحوالي 20 مليون لغم منها المضاد للأفراد والسيارات الحربية والدبابات."
وأضاف أن المحاولات السابقة لحث الدول المتسببة وفي مقدمتها بريطانيا وألمانيا وإيطاليا على إزالة الألغام لم تنجح إذ كان "السبب في ذلك قولها إن أراضي المنطقة صحراء جرداء لا نفع فيها" وأبدى تفاؤله بأن وجود خطة مكتملة للتنمية سيدفع هذه "الدول الصديقة" لتحمل مسؤولياتها في إزالة الألغام.
وضرب الباز مثلا بمحور الواحات البحرية الواقع على بعد نحو 300 كيلومتر جنوب غربي القاهرة قائلا إن تلك المنطقة يمكن أن تمثل مصدرا للتمر واللحوم يكفي مصر "بأكملها" مشيرا إلى أن مناخ الواحات ومياهها الجوفية تسمح بزراعة حوالي نصف مليون فدان بأنواع من النخيل وأن هذا سيترتب عليه إقامة صناعات تعتمد على هذا النوع من الزراعة.
كما أشار إلى أن محور طنطا في الشمال سيسمح بمزيد من الأرض الزراعية والإنتاج الحيواني "على مستوى واسع... ليس هناك أسباب وجيهة لبقاء مصر بلد مستورد للحوم الحيوان حيث إنها قادرة على الاكتفاء الذاتي والتصدير."
من سعد القرش © Reuters 2007. All Rights Reserved