/ ٥/ ٢٠١٠
موضوع الطاقة النووية الحديث فيه محاط بالمحاذير، فإما أن تكون مع الجميع أو الويل لك لو حاولت أن تفكر دون وصاية.. وربما يدعى المتخصصون أنه ليس لأحد أن يتحدث غيرهم.. وهذا ادعاء باطل لأن الشأن النووى شأن مجتمعى له جوانب صحية وبيئية واقتصادية وأمن قومى وإدارة أزمات وتخطيط عمرانى وإسعاف ومستشفيات سرطان ومطافئ، ليس مجرد التعامل مع أزرار لوحة التحكم وتقنيات تشغيل المحطة.
هناك ضغوط إعلامية من المتحمسين لـ«النووى» لإحراج الحكومة والرئيس ليتم الدفع بتحديد موقع الضبعة، ويستشهدون بالإمارات التى تعاقدت على أربع محطات بأربعين مليار دولار كانعكاس لحالة الرعب من إيران، رغم أن وجود محطة توليد كهرباء نووية لن يقوى الخليج، بل سيضيف عبئا ورعبا ونقاط ضعف، ويشكل مشروع كارثة عند التعرض للقصف فى حرب خليجية مقبلة،
ولهذا لا يصح التعامل مع المحطات النووية بمنطق شراء أربع سيارات آخر موديل! هناك مكاتب هندسية استشارية أوروبية قامت بدراسات بعد ١١سبتمبر لمعرفة تأثير حادث إرهابى، تحديدا ارتطام طائرة بمبنى محطة نووية..
ونشرت النتائج أن ارتطام طائرة بالمفاعل القريب من نيويورك وقدرته ١٠٠٠ ميجا– سيتسبب فى دمار حجمه ١٠٠٠ مرة حجم دمار هيروشيما.. وإذا كانت الإصابة بوحدة تبريد المفاعل فسيكون الدمار ٣٠ ضعف دمار المفاعل..
«مما يعنى وفيات وجرحى ومشوهين ومرضى سرطان بالملايين!» فى أمريكا يخافون على سكان نيويورك، أليس من حقنا فى مصر أن نخاف على سكان الإسكندرية ودمنهور وقرى البحيرة من مفاعل اخترنا له موقعا غرب الإسكندرية؟! ونسينا أن إسرائيل لن تتردد مستقبلا فى قصف هذه المحطة النووية غرب الإسكندرية لأنها بعيدة عن حدودها بمسافة تضمن عدم وصول الغبار الذرى والإشعاع للمستوطنين.
المعلومة الأخرى المهمة هى أبحاث بألمانيا تفيد بأن المحطات النووية فى مستوى إشعاع المنخفض العادى تسبب ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان المعروف بـ«اللوكيميا» للأطفال، وكشفت أبحاث بنسلفانيا عن زيادة معدلات سرطان الغدة الدرقية للكبار والأطفال.
لهذا أنا أشارك الكثيرين فى العالم كراهيتهم للمحطات النووية، ومنهم جماعة جرين بيس العالمية، وجماعة التحرر من «النووى»، فى أوروبا تقوم المظاهرات ضدها لأنهم يعرفون مخاطرها على الصحة والبيئة وتلويث المياه الجوفية كما أنهم يقولون إنها عبء على دافعى الضرائب لأن التكلفة الحقيقية للكيلووات ساعة تدعمها مصروفات حكومية، وأن تكلفة التخلص من النفايات، تحمل المحطة أعباء تجعلها غير اقتصادية بعكس ما تروج له الشركات فى خدعة عالمية بدأت بوادر تكشفها، ولن يتبقى أمام هذه الشركات مستقبلا إلا الدول النامية سوقا واعدة.
ورغم هذا إذا رأت القيادة أن محطة توليد الكهرباء النووية مصلحة قومية ولابد من إنشائها فلا نملك إلا أن ندعو لاعتبار سيناء اختيارا أفضل ليؤمن المحطة من أى احتمالات مستقبلا، وعمر المحطة خمسون سنة سيتخللها حتما الادعاء بأن مصر تصنع أسلحة الدمار الشامل..
حتى لو تأخرنا قليلا لإعداد موقع جديد فى شمال سيناء فالموضوع يستحق. ولتتحقق أيضا المصلحة الوطنية على أكمل وجه نرجو أن يتم استثمار الضبعة المتنازع عليها فى مشروعات قومية ذات طابع تنموى بعيدا عن الفلل وحمامات السباحة،
وأقترح، على سبيل المثال، إقامة جامعة عالمية للعلوم والتكنولوجيا والطاقة المتجددة وطاقة الهيدروجين والنانو تكنولوجى- مدينة تجارية عالمية ومدينة معارض ومدينة مؤتمرات- مركز استشفاء طبى عالمى فى أجمل بقعة على البحر المتوسط- مركز أبحاث تحلية المياه وأول محطة تحلية باستخدام الطاقة الشمسية.
وبهذا تكون الضبعة المحطة الأولى فى مشروع تعمير حقيقى للساحل الشمالى وبداية ممر التعمير الذى رحبت به الدولة لخلق تنمية، وفرص عمل للملايين.
على طول الممر نبنى فى الأماكن المناسبة المحطات الشمسية الحرارية لتوفر الكهرباء للمصانع والمنازل والمزارع إلى أن نصل للمنطقة التى من الممكن أن تغير مستقبل مصر وتنقلنا من حال إلى حال لأن محطة شمسية حرارية جنوب مصر، بمساحة بحيرة ناصر، تولد طاقة تعادل كل بترول الشرق الأوسط. هذه المعلومات أعلن عنها فى ألمانيا من مركز أبحاث الفضاء وأمن المفاعلات النووية DLR بعد تصاعد الأصوات والمظاهرات هناك مطالبة بإغلاق المفاعلات النووية والاعتماد بدلا منها على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=255130